الخميس، 27 فبراير 2014

سلسلة السيرة النبوية د/ راغب السرجاني 27- الطريق إلى الأحزاب-6


إرسال الجيوش والسرايا لتثبيت دعائم الأمن
واسترداد هيبة الإسلام من جديد



غزوة نجد

أحب الرسول عليه الصلاة والسلام أن يستغل هذا الظرف، وبدأ يرسل السرايا والجيوش لتثبيت دعائم الأمن في الجزيرة العربية، ولاسترداد الهيبة من جديد، وأول جيش خرج كان على رأسه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه في غزوة تسمى غزوة نجد، وذهب لتأديب قبائل نجد التي تجمعت لقتل المسلمين في بئر معونة وماء الرجيع، ولما خرج فروا منه جميعاً، ولم يلق قتالاً صلى الله عليه وسلم، لكنه استعاد الهيبة بشكل كبير.



غزوة بدر الصغرى

أخذ صلى الله عليه وسلم يعد العدة ويجهز الجيش للقاء القادم مع المشركين، فقد كان هناك تواعد بين المسلمين والمشركين على اللقاء للمرة الثالثة: الأولى: بدر، والثانية: أحد، وكان من المفروض أن يكون اللقاء الثالث في هذه الأيام في السنة الرابعة من الهجرة.

وبالفعل جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشه، وفي شعبان (4هـ) أرسل رسالة إلى قريش يتواعد معها على اللقاء في بدر، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش قوامه (1500) مقاتل، وذهب إلى بدر، وخرج كذلك أبو سفيان من مكة بـ (2000) من المقاتلين، ووصل المشركون إلى منطقة تسمى مر الظهران قريبة جداً من مكة، وعسكر الجيش هناك، ولا يزال أمامه طريق طويل حتى يصل لبدر، لكن الجيش الذي خرج كان متثاقلاً تماماً، وعنده نوع من التردد الكبير في قتال المسلمين، وفي داخله الهلع والهيبة للمسلمين مع أن الموقعة الأخيرة كانت لصالح المشركين، ووقف أبو سفيان في مر الظهران يخاطب الجيش ويقول لأصحابه: يا معشر قريش! إنه لا يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا.

هكذا كان أبو سفيان، يتحجج بحجج واهية، فلو كانوا حريصين على القتال لخرجوا.

فاجتمع القوم على الرجوع، ولم يعارض أحد أبا سفيان في قضية العودة إلى مكة المكرمة، وبذلك تخلفوا عن اللقاء الذي وعدوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يبق الرسول عليه الصلاة والسلام في بدر ثلاثة أيام فقط، بل بقي ثمانية أيام متصلة؛ حتى يثبت للجميع أنه لا يهاب قريشاً ولا يخاف جيوشها ولا عدتها ولا عتادها، وكان في هذا أثر إيجابي كبير للدولة الإسلامية في الجزيرة العربية.



تأديب قبائل منطقة دومة الجندل شمال المدينة

سمع الرسول صلى الله عليه وسلم أن بعض القبائل في شمال الجزيرة العربية في منطقة دومة الجندل بدءوا يتجمعون ويهاجمون القوافل المارة، ويقتلون المسلمين هناك، وهي قبائل كبيرة وضخمة في هذه المنطقة، فجمع الرسول عليه الصلاة والسلام جيشاً ليذهب إلى دومة الجندل، وهي تبعد عن المدينة مسافة أكثر من (450) كيلو، ذهب صلى الله عليه وسلم بنفسه، وهناك بدأ يفرق السرايا والجيوش في الأماكن المختلفة، وفروا منه جميعاً ولم يلق صلى الله عليه وسلم قتالاً، ولكنه ثبت من جديد دعائم الدولة الإسلامية في هذه المنطقة، بل وسمع الناس جميعاً في الجزيرة العربية بأخبار الجيوش الإسلامية التي تتجه هنا وهناك، وكان هذا في ربيع أول سنة (5هـ).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق