الأربعاء، 19 فبراير 2014

سلسلة السيرة النبوية د/ راغب السرجاني 23- ما بعد بدر-8


أثر غزوة بدر في الأعراب حول المدينة


الأثر السابع من آثار غزوة بدر أثر الغزوة على الأعراب حول المدينة.
كانت حياة الأعراب تقوم في الأساس على السلب والنهب، فهم قطاع طريق ولصوص، وقيام دعوة أخلاقية في داخل دولة قوية مثل دولة الإسلام قد يحجم من السرقات وقطع الطريق الذي يقوم به الأعراب.


ولما انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر بدأ الأعراب يفكرون في محاولة جمع أنفسهم للقيام بغزو المدينة المنورة؛ لمنع هذه القوة من التنامي، فإن هذه القوة لو كبرت فإنها ستوقف نشاط الأعراب حول المدينة، فجمعت بنو سليم نفسها وبدأت تقرر غزو المدينة المنورة.


عرف الرسول عليه الصلاة والسلام أن بني سليم تجمع الأعداد لغزو المدينة، فأخذ نفسه والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وانطلقوا بسرعة إلى بني سليم، فلما رأى بنو سليم النبي صلى الله عليه وسلم قادماً فروا إلى الجبال وتركوا كل شيء، وعاد صلى الله عليه وسلم من بني سليم بكمية كبيرة من الغنائم، مقدارها (500) بعير وزعها على جيش المدينة المنورة، وكان هذا في شوال سنة 2هـ،


أي: بعد الرجوع من بدر بحوالي سبعة أيام فقط، وكان فيها نصر كبير للمسلمين، وازدادت الرهبة والهيبة للدولة الإسلامية في الجزيرة العربية، وعلى غرار غزوة بني سليم كان هناك أكثر من غزوة في هذه السنة التي تلت غزوة بدر، إذاً: هذا كان من أهم الآثار لغزوة بدر.



أثر غزوة بدر في تغير التركيبة السكانية
داخل المدينة المنورة



هناك أثر ضخم جداً وهائل لغزوة بدر، وهو تغير التركيبة السكانية داخل المدينة المنورة. قبل موقعة بدر كنا نقسم الناس في المدينة المنورة إلى مسلمين ومشركين ويهود، فالمشركون تغيروا، يعني: إما صاروا مسلمين؛ لأنهم بالإسلام ودخلوا فيه على اقتناع، وإما تحول المشركون إلى منافقين.


إذاً: ظهرت طائفة جديدة ما كانت موجودة قبل هذا في كل مراحل الدعوة النبوية، لا في فترة مكة ولا في أوائل فترة المدينة، وهي طائفة المنافقين.


والمنافقون لا يظهرون إلا إذا قويت شوكة الإسلام والمسلمين، فلو رأيت المنافقين يكثرون فهذه علامة صحية، علامة على أن دولة الإسلام أصبحت قوية، وقبل هذا كانت ضعيفة، فلا يفكر أحد من المشركين أن ينافقهم، لكن الآن أصبحت دولة المسلمين قوية، وبدأت تظهر طائفة المنافقين القذرة، وعلى رأس هذه الطائفة كان الرجل الذي كان يكره الرسول صلى الله عليه وسلم كراهية شديدة عبد الله بن أبي ابن سلول، فبدلاً من أن يكون زعيم المشركين في المدينة أصبح زعيم المنافقين في المدينة المنورة.


بعد بدر مباشرة أعلن هؤلاء القوم إسلامهم وأبطنوا الكفر في داخلهم، وطبعاً سيكون لهم أثر سيء جداً على المدينة المنورة وعلى المسلمين.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق