الاثنين، 25 مارس 2013

سلسلة السيرة النبوية د/ راغب السرجاني 2- من الظلمات إلى النور-3


حال مصر قبل البعثة النبوية


كانت مصر محتلة من قبل الرومان منذ هزيمة كليوباترا على يد أوكتافيوس في سنة (31) قبل الميلاد، يعني: أكثر من (5) قرون من الاحتلال الروماني لمصر، حتى سقط في سنة (476م) لما سقطت الدولة الرومانية الغربية، لكن الدولة الرومانية الشرقية سرعان ما استولت على مصر قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي (100) سنة.


والدولة الرومانية سواء كانت شرقية أو غربية كانوا يتخذون من مصر مخزناً يمد الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء، وحصل تدهور شديد في الاقتصاد المصري، وتدهور شديد أيضاً في الحالة العلمية والاجتماعية، وفقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، لكن الرومان حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز من أجل أن تبقى صورة من المصريين موجودة في السلطة، فيتجنبوا ثورة الشعوب، لكن الواقع أن كل الحكم والإدارة كانت في يد الرومان.


فرضوا الضرائب الباهظة على الشعب الفقير المعدم، ضرائب عامة على الأفراد والصناعات والأراضي والماشية، وحتى على المبيعات. وضرائب على المارة، إذا أردت أن تذهب من مكان إلى مكان أو من مدينة إلى مدينة تدفع ضريبة.
وضرائب حتى على زوجات الجنود، الجندي يدفع روحه من أجل البلد وامرأته وهو غائب تدفع ضريبة.
وضرائب على أثاث المنزل، بل تجاوزت ضرائب الأحياء إلى الأموات، فقد كان لا يسمح بدفن الميت إلا بعد أن تدفع ضريبة معينة تشبه ضريبة التركات، ولم يكتفوا بمصيبة الموت فأضافوا إليها ضريبة.
فوق كل هذا كان هناك التعذيب لأجل المخالفة في المعتقد الديني، فالكل لابد أن يكون تحت مظلة النصرانية الأرثوذكسية.








حال الصين قبل البعثة النبوية وبعدها


أما وضع الصين أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان فيها ثلاث ديانات: الأولى: لرجل اسمه لاوتسوا وله ديانة نظرية غير عملية، فيها بعد كامل عن النساء، وزهد كامل في الدنيا، وانعزال كامل عن المجتمع.


الثانية: لـ كنفوشيوس، ويعتبرونه من كبار الفلاسفة الصينيين، وهو صاحب مادية بحتة، وهي ديانة تعنى بقوانين وقواعد وتجارب، وتشير إلى أن الحياة بصفة عامة شيء بائس، ومن ناحية العبادة أنت حر، اعبد ما أردت: شجرة أو نهراً، أو إلخ، فهذا أمر لا يعني كنفوشيوس.


الثالثة: لـ بوذا، وهي تعاليم أخلاقية معينة، ولكن فيها أيضاً الكثير من الانعزال عن المجتمع، والزهد في الحياة، وبعد قليل تحول بوذا من مجرد مشرع إلى معبود رسمي، صنعت له التماثيل، وظل يعبد على مدار السنين.


وإلى الآن هؤلاء الثلاثة موجودون، حتى إن صاحب كتاب (الخالدون المائة) وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وضعهم في الخالدين، بوذا الخامس وكنفوشيوس السادس.

بل إن مؤلف الكتاب لم يتردد أن يقول في وقاحة شديدة: إن بوذا يستحق أن يتصدر قائمة الخالدين ويسبق محمداً صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام لولا أن أتباع بوذا الآن أقل من أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباع عيسى عليه السلام، من أجل هذا أخر بوذا إلى المرتبة الخامسة، وهذا يضمر لنا إلى أي حد أصبحت المقاييس مختلة عند أمثال هؤلاء.








حال الهند قبل البعثة النبوية وبعدها


أما الهند فأعجوبة الأعاجيب؛ حيث كثرت فيها المعبودات بشكل مريع، فأي شيء في الهند يعبد، تماثيل لكل شيء، يعبدون الأشخاص والجبال والأنهار، مثل: نهر الكنج فهو مقدس عندهم، حتى المعادن، وأشهر المعادن التي كانت تعبد الذهب والفضة.
وعبدوا آلات الحرب من سيف أو درع، وآلات الكتابة من قلم أو كراسة.


كذلك الأجرام الفلكية تعبد من دون الله عز وجل، والحيوانات، وأكثر حيوان يعبد في بلاد الهند هو البقرة، وللأسف ما زالت تعبد إلى الآن من قبل علماء كمبيوتر وعلماء ذرة وأطباء ومهندسين، وليس فقط البقرة، بل كل الحيوانات عبدت في بلاد الهند، لدرجة أنهم عبدوا الفئران، وحصلت مجاعة ضخمة في بلاد الهند كان سببها ترك الفئران فأكلت كل المزروعات الهندية.
الشهوة الجنسية الجامحة عمت بلاد الهند، الكهان يرتكبون أبشع الفواحش في المعابد، ويعتبرون ذلك من الدين، ويتقربون بذلك إلى الآلهة.


الطبقية البشعة في بلاد الهند قسمت الناس إلى أربع طبقات:

طبقة البراهمة الكهنة والحكام.
طبقة شتري وهؤلاء رجال الحرب.
وطبقة ويش وهي طبقة التجار والأغنياء.
طبقة شودر، وهذه طبقة منبوذة، ومعنى كلمة (شودر) المنبوذين، وهذه الطبقة هي أحط عندهم من البهائم، وأذل من الكلاب، حتى إن القانون عندهم ينص: من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة من دون أن يكون لهم أجر.


قارن هذا بما رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).


ليس لطبقة شودر أن يقتنوا مالاً؛ لأن هذا يؤذي البراهمة، فلا يصح أن تكون عندك ملكية لأي جزء ولو القليل من المال.
وإذا همّ شودري أن يضرب برهمي قطعت يده، وإذا هم بالجلوس إليه كوي استه بالنار، ونفي خارج البلاد، وإذا سبه اقتلع لسانه، وإذا ادعى أنه يعلمه شيئاً سقي زيتاً مغلياً.


يقول القانون الهندي: إن كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والبومة سواء بسواء مثل كفارة قتل الشودر.
هذا هو وضع بلاد الهند التي يكتب عنها في الكتب عبارة: حضارة، وأنها كذا وكذا.
المرأة في المجتمع الهندي أحياناً يكون لها أكثر من زوج، وهي في منزلة مثل منزلة الأمة، حتى ولو كانت زوجة لشريف.
أحياناً في بلاد الهند يلعب الرجل القمار ويخسر، ثم لا يجد إلا أن يقامر على زوجته، وممكن أن يخسرها في القمار.


قارن هذا بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً) (النساء شقائق الرجال) (خيركم خيركم لأهله) وغير ذلك من الأحاديث.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق