الثلاثاء، 22 أبريل 2014

سلسلة السيرة النبوية د/ راغب السرجاني 33- عالمية الإسلام-4


موقف النجاشي ملك الحبشة
والمنذر بن ساوى ملك البحرين
من رسائل النبي صلى الله عليه وسلم


لقد جاءت أفضل الردود من النجاشي ملك الحبشة، ومن المنذر بن ساوى ملك البحرين، وهؤلاء الاثنان أسلما دون تردد.

واحد أسلم وأخفى إسلامه وهو النجاشي ملك الحبشة؛ لأن وضع الدولة النصراني كان صعباً جداً، فهو لا يستطيع أن يعلن إسلامه، ولأنه لو أسلم فإن الشعب سيقتلعه اقتلاعًا من كرسيه، وقد حصل قبل ذلك عندما ساند المسلمين أن الشعب أقام عليه ثورة وكاد أن يقتلع النجاشي من كرسيه، من أجل ذلك أخفى إسلامه، وآثر أن يساعد الدولة الإسلامية الناشئة الجديدة هناك في المدينة المنورة، وهو يعلن النصرانية في الظاهر ويبطن الإسلام.

أما المنذر بن ساوى رحمه الله فقد أعلن إسلامه وأسلم شعبه، وكانوا يدينون بعبادة الأصنام، لكن يبدو أن المنذر بن ساوى رحمه الله كان قوياً ممكناً في قبيلته ومحبوباً بين شعبه، وكان الناس تبعاً لقائدهم كعادة العرب في ذلك الوقت، فزعيم القبيلة أخذ قرار الإسلام فأسلمت قبيلته وأسلم شعبه.

وهذا الوضع غير الوضع في بلاد الحبشة حيث كان بلدًا نظامياً كبيراً له تاريخ طويل، ومن الصعب على النجاشي أن يغير أفكار الناس كلها في لحظة واحدة.
إذاً: هذا هو الوضع بالنسبة لملك الحبشة وبالنسبة لملك البحرين وهذه أفضل ردود.




موقف المقوقس ملك مصر
من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم له


أما المقوقس فقد أحسن استقبال الوفد الإسلامي وأكرمه بالهدايا، إلا أنه لم يسلم، وإني لأتعجب جداً من عدم إسلامه؛ لأن المقوقس ذكر في رده لـ حاطب بن أبي بلتعة الذي كان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر في رده له أنه كان يعلم أن نبياً سيظهر في هذا الزمان، ولكنه كان يحسب أن هذا النبي سيظهر في الشام، فهو كانت عنده تهيئة نفسية لظهور النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يسلم، بل إنه لم يفكر أصلاً في التأكد من كونه نبياً أم لا، مع أنه كان يعرف أنه نبي فعلاً، وإلا لما أكرم سفارته وحملها بالهدايا كما نعلم جميعاً؛

لأنه ليس من الممكن أن يفعل هذا الأمر مع كذاب يدعي النبوة، وخاصة أن رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت لم تكن له قوة كبيرة أو بأس، ولم يكن يحكم دولة ضخمة يخشاها المقوقس فيحتاج إلى مهادنته، بالعكس فإن قوة مصر المادية كانت أضعاف أضعاف قوة المدينة المنورة في ذلك الوقت، لكن على كل حال إكرام المقوقس لوفد رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أثراً إيجابياً للدولة الإسلامية في كل مكان، أكد على شرعيتها في النظام الدولي الجديد، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

إذاً: هذا كان رد المقوقس رد بأدب وحمل الهدايا لكن لم يسلم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق