الأربعاء، 3 أبريل 2013

سلسلة السيرة النبوية د/ راغب السرجاني 13- بيعة العقبة الثانية-1



الدرس الثالث عشر بيعة العقبة الثانية


تمثل بيعة العقبة الثانية نقلة نوعية في تاريخ الدعوات، حيث ضحى المهاجرون والأنصار بكل شيء في مقابل نصرة الدين، فالأنصار علموا أنهم سيحاربون كل الناس بجميع أجناسهم وأطيافهم، ويمنعون حامل الرسالة من أن يصاب بأذى، وأما المهاجرون فقد تركوا خلفهم كل شيء؛ ليستقبلوا أمر الدعوة ويتحملوا تبعاتها مع إخوانهم الأنصار .


أحداث بيعة العقبة الثانية 

في السنة الثالثة عشرة من البعثة



إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فمع الدرس الثالث عشر من دروس السيرة النبوية المطهرة: فترة مكة.

فيما سبق تكلمنا عن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لستة من الخزرج في السنة الحادية عشرة من البعثة، وعن دعوة هؤلاء الستة للإسلام في يثرب، وكيف عادوا في العام الثاني عشر في موسم الحج وكان عددهم (12)، وعقد الرسول صلى الله عليه وسلم معهم البيعة المشهورة المسماة: ببيعة العقبة الأولى، وكانت هذه البيعة تهتم في الأساس بالعقيدة السليمة، والأخلاق الحسنة، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم عادوا إلى المدينة المنورة ومعهم مصعب بن عمير رضي الله عنهم؛ لكي يعلمهم ويعلم أهل المدينة الإسلام.

وتكلمنا عن نشاط مصعب بن عمير مع أسعد بن زرارة رضي الله عنهما في الدعوة في المدينة المنورة في خلال السنة الثالثة عشرة من البعثة، وذكرنا قصة إسلام أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، ورأينا كيف انتشر الإسلام في المدينة حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا ودخلها الإسلام، ومرت الأيام وانتهت السنة الثالثة عشرة من البعثة، ورجع مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه إلى مكة قبل موسم الحج، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع المدينة وإمكانياتها، وعدد المسلمين وإمكانياتهم وأخلاقهم وتربوياتهم، أعطاه صورة كاملة عن الوضع في المدينة.


عدد وفد الأنصار في الحج 
في السنة الثالثة عشرة من البعثة



في موسم الحج في السنة (13) من البعثة حضر المسلمون من المدينة إلى مكة لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم والاستماع منه، ومعظم هؤلاء لم يروا الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل الإسلام الذي تعلموه وعرفوه كان عن طريق مصعب رضي الله عنه.
أتى الوفد المسلم من يثرب ضمن الوفد اليثربي الكبير المشرك، المكون من (300) تقريباً، منهم: (75) مسلماً، (73) من الرجال وامرأتان.

والغريب أن المشركين الذي كانوا في هذا الوفد لم يعرفوا أكثر المسلمين، يعني: أن المسلمين من الأنصار كانوا غير معروفين في المدينة بإسلامهم، مع أن دعوة مصعب بن عمير كانت علنية، كان يجلس وسط كل الناس، لكن يبدو أن الذي يسلم كان لا يعلن إسلامه؛ مراعاة لظروف المدينة وكثرة المشركين، ووجود اليهود، وغير ذلك من العوامل، كل هذا جعل الدعوة علنية لكن التربية سرية، واستطاع مصعب بن عمير رضي الله عنه والأنصار أن يكيفوا ظروفهم بحيث تتناسب مع ظروف المدينة المنورة في ذلك الوقت.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق