الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

سلسلة السيرة النبوية د/ راغب السرجاني 34- فتح خيبر-2

أهداف سرعة خروج 
الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر


خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى خيبر بعد أقل من شهر من عودته من صلح الحديبية في محرم سنة سبع، وكانت هذه السرعة لأهداف، منها: أنه يريد حفظ كرامة الأمة الإسلامية بالرد على اليهود الغادرين.

ومنها: أنه لا يأمن غدر قريش وحلفائها؛ من أجل ذلك بادر إلى هذه الخطوة قبل أن تفكر قريش في الغدر أو تستعد له.

ومنها: أن خبر صلح الحديبية وصل حتماً إلى يهود خيبر، وقد يتوقعون هجوماً من المسلمين، لذلك كلما كان أسرع كان أفضل قبل أن يستعد اليهود.

ومنها: أنه أراد أن يرفع معنويات المسلمين المنكسرة بعد صلح الحديبية، فهم لم يكونوا قد رأوا الخير الذي ترتب على صلح الحديبية، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يعوضهم بهذا الفتح القريب.

وفوق كل هذه الأهداف أن رب العالمين سبحانه وتعالى كان قد بشر المؤمنين أن هناك مغانم كثيرة سيحققونها بعد صلح الحديبية، كما جاء في سورة الفتح التي نزلت مباشرة بعد الصلح، ولعل هذه الغنائم تكون غنائم خيبر، وقد كان كما قال الله عز وجل في سورة الفتح: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَاخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح:20].
فقوله تعالى: (مَغَانِمَ كَثِيرَةً) هي مغانم خيبر وغير خيبر من الفتوحات الإسلامية التي جاءت بعد هذا الصلح العظيم.
وقوله: (هَذِهِ) يعني: صلح الحديبية.


سبب عدم قبول الرسول صلى الله عليه وسلم 
خروج المنافقين معه إلى خيبر

كانت هناك مشكلة كبيرة جداً، وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان خائفاً من خيانة المنافقين داخل المدينة المنورة، وكما ذكرنا أن المنافقين يتعاملون مع اليهود، والعلاقة بينهم كانت حميمة من أيام بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، والآن ثبت أنهم يتعاملون مع يهود خيبر، فالرسول عليه الصلاة والسلام لا يريد أن يخرج معه المنافقون في هذا الجيش، فماذا يفعل؟ هو لا يستطيع أن يقف ويقول: المنافق لا يخرج؛ لأن النفاق أمر قلبي، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن أنه لا يخرج إلى قتال أهل خيبر إلا من شهد صلح الحديبية، وبذلك يضمن أن كل من شارك في هذا الفتح سيكون من المؤمنين؛ لأن هذه المجموعة التي شاركت في صلح الحديبية جميعاً مؤمنون كما قال الله عز وجل عنهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18]، فخرج الرسول عليه الصلاة والسلام بألف وأربعمائة مقاتل، وهم الذين كانوا معه في صلح الحديبية.

وكما هو معلوم إذا رأينا الصف المؤمن خالصاً نقياً مؤمناً؛ فإن الله عز وجل يمنحه النصر والتمكين.

فخرج هذا الجيش العظيم بهذه الروح الطيبة المتفائلة، ولنتذكر أن ألف وأربعمائة مقاتل سيحاربون أعداداً ضخمة هائلة؛ لأن أعداد اليهود كانت أضعاف أضعاف الجيش الإسلامي، ومع ذلك كانوا خارجين بتصميم ويقين على أن النصر من عند الله سبحانه وتعالى، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249].

وكما توقع الرسول عليه الصلاة والسلام فقد أرسل المنافقون إلى يهود خيبر يخبرونهم بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، بل وشجعوهم على قتال الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا لهم: لا تخافوا منهم؛ فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون عزل لا سلاح معهم إلا القليل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق